عبور السفن الحربية الإسرائيلية يثير التساؤلات حول التزام هيئة قناة السويس بالإتفاقيات الدولية وتجاهلها لتداعيات العبور العسكري
شعار بيان هيئة قناة السويس |
متابعة/ ساندي حسنين
أصدرت هيئة قناة السويس بياناً أكدت فيه التزامها بتطبيق الإتفاقيات الدولية التي تضمن حرية الملاحة عبر القناة موضحة أن العبور يشمل السفن التجارية والحربية من مختلف الجنسيات دون تمييز
وجاء هذا البيان رداً على تساؤلات متداولة عبر منصات التواصل الاجتماعي حول سماح الهيئة بمرور سفن حربية إسرائيلية في المجرى الملاحي
وأشارت الهيئة إلى أن عبور هذه السفن يخضع لإجراءات خاصة مؤكدة أن إتفاقية القسطنطينية لعام ١٨٨٨م تلزمها بفتح القناة أمام جميع الدول في وقت السلم والحرب لضمان مكانة القناة كأهم ممر بحري عالمي
هذا البيان الصادر عن هيئة قناة السويس حول عبور السفن الحربية بغض النظر عن جنسياتها يجدد تساؤلات جدلية حول سياسات المرور البحري عبر أحد أهم الممرات المائية في العالم ويعيد إلى الواجهة نقاشاً قديماً حول الأبعاد الأخلاقية والإنسانية للتطبيق الصارم للإتفاقيات الدولية كاتفاقية القسطنطينية لعام ١٨٨٨م في ظل تصاعد التوترات الإقليمية والمخاطر على المدنيين في المنطقة
فعلى الرغم من الحياد الرسمي لمصر تجاه تطبيق هذه الإتفاقيات تبقى مسؤولية العبور في يد الهيئة الوطنية والمرور بهذا الشكل يعد مشاركة غير مباشرة في تقوية آلة حرب لدولة متورطة تاريخياً في إنتهاكات صارخة لحقوق الإنسان
إذ أن السماح بمرور سفن حربية إسرائيلية من قناة السويس يعد إذناً ضمنياً لدولة معتدية بمتابعة حصارها وإستخدامها للقوة ضد الفلسطينيين واللبنانيين حيث تستمر إسرائيل منذ عقود في سياساتها التوسعية والعسكرية متجاهلة القرارات الدولية التي تدين إنتهاكاتها المتكررة
فكيف لمرفق عالمي مثل قناة السويس أن يستخدم كوسيلة لعبور أسلحة الدمار والخراب إلى منطقة تتوق شعوبها إلى السلام والإستقرار؟
هذا التناقض بين نصوص الإتفاقيات ومطالبات الإنسانية يوحي بأن تطبيق الإتفاقية بحرفيتها في هذا السياق يفتقر إلى البعد الأخلاقي الذي يجب أن يراعى في إتخاذ القرارات
إن السماح لسفينة حربية إسرائيلية بعبور القناة يمثل رسالة سلبية إلى الشعوب العربية المظلومة التي تتعرض لإنتهاكات إسرائيلية يومية ويثير الشكوك حول موقف مصر الرسمي من القضية الفلسطينية ذلك أن الشعب المصري وشعوب المنطقة يتطلعون إلى مواقف عربية موحدة ترفض مثل هذه الممارسات وتدعم حقوق الفلسطينيين في العيش بحرية وأمان بعيداً عن تهديد آلة الحرب الإسرائيلية
ولعل تمرير السفن الحربية دون النظر في تداعيات عبورها يجعل من قناة السويس مجرد ممر يستغل في تنفيذ الخطط العسكرية التي قد تعود على دول المنطقة بمزيد من القتل والدمار
ورغم أن هيئة قناة السويس أكدت أن إتفاقية القسطنطينية تضمن (حرية الملاحة البحرية) سواء في وقت الحرب أو السلم فإن الإتفاقيات يجب ألا تكون مطية لتجاهل حقائق الأرض فإسرائيل ليست كأي دولة إنها كيان إستيطاني لا يتورع عن ممارسة الإرهاب ضد الشعب الفلسطيني وتهديد جيرانه
ولذا فإن العبور غير المقيد لهذه السفن عبر قناة السويس يسهم بشكل غير مباشر في تمويل هذا العدوان
والأدهى من ذلك أن الهيئة لم تظهر أدنى قدر من التحفظ أو الإعتراض بل إكتفت بالتأكيد على (التزامها بالإتفاقيات الدولية) متجاهلة مسؤوليتها الأخلاقية تجاه شعوب المنطقة
فمن الضروري أن تنظر مصر كدولة محورية في كيفية ضبط إستخدام مواردها الإستراتيجية بما يخدم الأمن القومي والإقليمي
ويبدو أن الإلتزام الأعمى بالإتفاقيات دون إعتبار للعواقب السياسية والإنسانية يعد نوعاً من الهروب من المسؤولية
ومن المعروف أن العديد من الدول تتخذ إجراءات إضافية لضمان عدم إستخدام أصولها الإستراتيجية لأغراض عدائية فلماذا تتردد هيئة قناة السويس في وضع شروط أو قيود حتى لو كانت إستثنائية تضمن عدم إستخدام قناة السويس لنقل أدوات القتل إلى دولة تستبيح دماء الأبرياء؟
كما ينبغي أن يكون هناك وعي سياسي لدى القيادة المسؤولة عن إدارة القناة لتقويم القرارات بما يتوافق مع روح الإتفاقيات ويكفل في الوقت نفسه حماية الأبرياء في المنطقة
كما يجب أن تتضافر الجهود الشعبية مع الجهود الحكومية في مصر للوصول إلى صيغة تحفظ حياد القناة كدور عالمي وتضمن في نفس الوقت عدم إستخدامها كمعبر آمن لتمويل الإعتداءات على شعوبنا
فبين حرفية القانون وإنسانيته يجب أن يكون القرار دوماً لصالح الإنسانية فالعدالة ليست في تطبيق القوانين فحسب بل في تحقيق الخير والحماية للبشر من كل أشكال الطغيان.
التسميات
آخر الأخبار
أن تكون للقانون روح هو ما يجعل الأمم تتطور و تزدهر
ردحذفأما ان تبقى جافة و لا تراعي تغيرات الزمن و القيمة الأخلاقي التي يتم تجاهلها
فنحن هنا أمام تحجر و انعدام الحس الأخلاقي للموقف الحرج أمام المجتمع الدولي و المحلي